إلا الكرامة الإنسانية


  لو تتأمل الحديث النبوي الشريف الذي نردده صباح كل يوم:" اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذُ بِكَ أنْ أَضِلَّ أو أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أوْ أُزلَّ، أوْ أظلِمَ أوْ أُظلَم، أوْ أَجْهَلَ أو يُجهَلَ عَلَيّ  ". ستدرك على الفور معنى أن تظلم إنساناً أو أن تكون أنت المظلوم. وستعلم معنى أن تتطاول على إنسان أو يحدث العكس. وستفهم معنى مس الذات وإهانتها.

  الإنسان منا كتلة متحركة من الأعصاب المختلطة بدم ولحم وعظم وأنسجة وغيرها من تفاصيل. قد يتحمل المرء أحياناً كثيرة، آلام الجسد العضوية، لكنه قد يفارق الحياة أو يختل توازنه، إن وصل ألم ما إلى الجانب النفسي فيه.. هذا الألم قد يدفع بالكثيرين إلى ما يسمى بتحقير الذات، واهتزاز بالغ في الشخصية والثقة بالنفس.
 
  حين يبدأ الفرد بالتقليل من شأن نفسه أو احتقار ذاته، فإن هذا دليل على أن هناك جذوراً للعملية، ومتصلة بأعماق الذاكرة، بحيث تتغذى تلك الجذور على ذكريات وحوادث غير سارة، تُعتبر مصادر التغذية الرئيسية للشعور بالدونية، وبالتالي التقليل من الذات أو تحقيرها. 

   تلك الذكريات قد تعود إلى مواقف قديمة، ربما واحدة منها وقعت في تلك المراحل المبكرة من عمر الإنسان، وخاصة في البيت ومن ثم المدرسة، باعتبارهما أكثر المواقع التي يمكث فيها أي فرد منا في حياته، يختلط بأفرادها وتتكون علاقاته وصداقاته وتتشكل شخصيته. إضافة الى مواقف أخرى تحدث معه في علاقات العمل وغيرها في المجتمع، وتتسبب في جرح كرامته ومس ذاته وإهانتها.

    من هنا، على الإنسان ضرورة ضبط نفسه في تعاملاته مع الآخرين. إذ مثلما لا يريد أن يجهل عليه أحد أو يمس ذاته ويجرح كرامته بفعل أو قول، فكذلك الأمر مع الآخرين. الرغبة هي نفسها تتشابه في النفوس البشرية، وما الدعاء النبوي الكريم الذي بدأنا به، إلا نوع من التوجيه الرشيد السديد في كيفية التعامل مع الغير، وكيفية تهذيب وضبط العلاقات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق