كثيراً ما أوصى الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - بالرفق واللين في تعاملاتنا البشرية، وتعاملاتنا مع بقية الأحياء ، فالرفق كما روت عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها " لا يكون في شيء إلا زانهُ ، ولا يُنزع من شيءٍ إلا شانهُ ".
لكن تدفعك بعض المواقف الحياتية إلى أن تتوقف برهة وتغير من هذا النهج الوديع في التعامل ، وتكون مضطراً لاتخاذ حزم وشدة في التعامل، وهو ما حدث مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتعمق في اللين والرفق والوداعة مع مشركي قريش، ومسايرتهم ومناقشتهم بهدوء ورقي رغبة في هدايتهم .
رغم أن القرآن أوصى الرسول - صلى الله عليه وسلم - باللين وحسن التعامل مع الناس :" ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" ، إلا أن تطرف مشركي قريش في طلباتهم غير المنطقية من رسول الرحمة والإنسانية عليه الصلاة والسلام ، وصولاً إلى تلك الجرأة في عرض صفقة صفيقة وقحة عليه - صلى الله عليه وسلم - أن يعبدوا الله عاماً، ويعبد محمد وأصحابه آلهة قريش عاماً آخر !! تلك الجرأة جعلته - صلى الله عليه وسلم - يتوقف عن اللين والرحمة للحظات ويستعيذ بالله من ذلك الطلب وذاك الشرك.
كان حازماً في التعامل ورفض الطلب تماماً دون أي مناقشة ، ونزل القرآن على الفور مسانداً وكان أشد حزماً في التعامل :" قل يا أيها الكافرون لا أعبدُ ما تعـبدون .. إلى آخر السورة .. فقام الرسول صلى الله عليه وسلم على الفور وذهب يقرأ الآيات على مشركي قريش ، ليقطع أي أمل قد يبنون عليه أحلامهم في مناقشة طلبهم الصفيق ذاك ، فيئسوا من اقناعه صلى الله عليه وسلم، واستمر الصدام والجدال إلى حين كما في مشاهد السيرة العطرة.
من ذلك نتعلم أهمية الحزم والشدة في التعامل مع قضايا مفصلية في الحياة ،
سواء تلك المتعلقة بالحياة الشخصية أم تلك من ذات الارتباط بمصالح الأمة كلها ، والقصد
من تلك الشدة هو الضبط والتقويم والفصل بين الأمور ، ثم يعود اللين والرفق تارة
أخرى.. وهكذا سنن التعامل في الحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق