رأيي صواب يحتمل الخطأ..



 
  
في أي نقاشات حول مسألة الخلاف في الرأي، أجدني أستحضر مثالاً يخصني شخصياً حين كتبت مقالاً قبل سنوات خمس فائتات، تحدثت فيه عن مسلسل تلفزيوني رائع عن سيرة أبرز شخصيات الإسلام من بعد الرسول الكريم وصاحبه أبي بكر، الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأتذكر كيف دار النقاش حول المسلسل ما بين تأييد وحياد وفئة أخرى معارضة وبشدة وعنف أحياناً لفكرة تجسيد الصحابة ومن ضمنهم عمر الفاروق رضي الله عنه وأرضاه.

  ليس في النقاش والاختلاف في الآراء شيء، بل إنه الطبيعي أو هو المطلوب أن يكون في كثير من أمور حياتنا، بما فيها الدينية من تلك التي لم يأت نص قطعي صريح بشأنها من القرآن والسنة. والمثال المطروح هو أحد تلك الأمور التي اختلف العلماء حولها منذ فترة طويلة، ما بين الحل والتحريم والكراهة..

  إن مما أجمع عليه علماء الأمة منذ عهد الصحابة الكرام إلى يومنا هذا، أنه لا يجوز إكراه الغير على رأي مختلف عليه، فما يراه عالم أو فقيه في مكان ما قد يخـالفه آخر، لكن لا تجـد أي أحد منهما يعتبر رأيه هو الصواب ورأي مخالفه خطأ، إنما لكل منهما اجتهاده وأجره، فمن شاء أحد من العامة أن يأخذ برأي أحدهما، فله ذلك دون أن يعيب على الرأي الآخر وصاحبه ومن يتبعه. هكذا هو الأصل، وهذا النوع من الثقافة هو المطلوب نشره.

  أن تجمع الناس على رأي واحد في مسائل الدين والدنيا هو أمر صعـب المنال، باعتـبار اختلاف البشر أنفسهم في تكويناتهم وثقافاتهم وبيئاتهم، ولكن بالتسـديد والمقاربة، والدعـوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وصولاً إلى الجدال بالتي هي أحســن. وهذا يستدعي بالطبع ضرورة التزود بمعرفة ألف باء الخلاف والنقاش، ومن ثم الارتقاء بثقافة الحــوار وتقـبل الآخر، وعدم الاعتداد بالرأي والإصـرار على قهر المخالف..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق