التغافل في علاقاتك


  الغفلة والتغافل، كلمتان بينهما فرق كبير. فالأولى أمر طبيعي ناتج عن قلة علم أو جهل بالشيء أو الأشياء، فيما التغافل فعل إرادي ناتج عن إحاطة وإلمام وإدراك بما يدور في البيئة المحيطة..  
هذا يعني أن التغافل أقرب إلى أن يكون حكمة من الإنسان حين يقوم به في موقف ما، بل ربما يصل التغافل لأن يكون مهارة نحتاج إلى التدرب عليها واكتسابها لأجل علاقات إنسانية راقية. في كثير من الأحيان، نجد أنفسنا مضطرين إلى استخدام مهارة «التغافل» في بعض المواقف الحياتية، لا لشيء سوى رغبة في كبح جماح موقف ما قد يتطور ليصبح ناراً تلظى، أو رغبة في السيطرة على أجواء حدث معين يوشك أن يتطور إلى ما لا يحمد عقباه، فيضطر أحدنا إلى هذا الفعل أو هذا الخُلق أو هذه المهارة.
 وقد جاء عن الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - أن تسعة أعشار حُسن الخلق في التغافل.
  إن معرفة النفس الإنسانية ومعرفة خباياها وخصائصها، مهمة جداً في نجاح العلاقات مع الآخرين. وإن الجهل بها يؤدي على الأغلب إلى عواقب ونتائج غير سارة، والأمثلة في حياتنا أكثر من أن تُحصى.. 
  العلاقات بين البشر مثلما أنها تحتاج إلى قلوب واعية صافية نقية لتنمو وتستمر، فكذلك هي بحاجة إلى عقول يقظة فطنة تدعم توجهات ومشاعر تلك القلوب، كما جاء عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بأن العقل ثلثه فطنة وثلثاه تغافل، ما يعني أن استخدام العقل بمهارة في تعزيز وتقوية العلاقات أمر حيوي لا بد منه. ومثل تلك التعزيزات تحتاج إلى مهارات وفنون في التعامل.  
وأحسبُ أن التغافل أبرز تلك المهارات، بل هو من أخلاق السادة الكرام، الذي أجده حلاً لكثير من المشكلات بيننا، سواء في البيت بين الزوجين أو بينهما والأبناء، أو خارج البيت كما في بيئة العمل أو المجتمع بشكل أعم وأشمل.. والله بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق