كتب ربكم على نفسه الرحمة

  
   قال الفضيل بن عياض: جاء قوم من المسلمين إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إنا قد أصبنا من الذنوب فاستغفر لنا، فأعرض عنهم؛ فنزلت ( وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ). 

   هذه واحدة من الآيات المبشرة للؤمنين، وإن كانت نزلت في حادثة معينة، إلا أن ما جاء فيها يشملهم وكل مؤمن يأتي بعدهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. الله عز وجل – كما يقول القرطبي:" كتب على نفسه الرحمة أي: أوجب ذلك بخبره الصدق، ووعده الحق، فخوطب العباد على ما يعرفونه من أنه من كتب شيئاً فقد أوجبه على نفسه. 

    إذن هي بشارة وتكريم للمؤمنين ووعد صدق منه سبحانه، أن من يخطئ ويذنب، ثم يستغفر الله، يجد الله غفوراً رحيما. فالإنسان منا في هذه الدنيا أو هذه الجهالة، غير معصوم من الخطأ، ومن يعمل السوء بجهالة، ثم يعود سريعاً إلى رشده، آيباً تائباً حامداً، فهو بإذن الله ضمن الوعد الإلهي أو الرحمة الإلهية، كما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:" لما قضى الله الخلق، كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي". 

 ومما يناسب هذه الآية من الأحاديث أيضاً، كما قال ابن كثير في تفسيره، قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل: أتدري ما حق الله على العباد؟ أن يعبدوه لا يشركوا به شيئا، ثم قال:" أتدري ما حق العباد على الله إذا هم فعلوا ذلك؟ ألا يعذبهم".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق