قبل أن تكره الحياة ..


 
لا أظن أن أحداً منا لا يحب الحياة على الوجه الأغلب ، دون أن ننسى وجود كثيرين أيضاً وقعوا في كره شديد لها وربما البعض ما زال .. لكن الله لم يخلق الإنسان لكي يكره الحياة ويعيش في يأس وبلا أمل.. بل يمكننا القول بأن الأصل هو أن نحب الحياة الدنيا ولكن بقدر معقول وموزون ، دونما إفراط أو تفريط ، انطلاقاً من قوله تعالى :" وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا " ..  
   
   حول هذا المعنى يختلف كثيرون ، بل صار موضوعاً قابلاً للجدل والنقاش.. فهل هناك من يكره الحياة ؟ نعم هناك من يكرهها كره الخارج من النار أن يُقذف فيها مرة أخرى ، مثلما أيضاً هناك من يحبها حباً جماً، وكأنما سيخلد فيها ، فيما هناك فريق ثالث لا يحب ولا يكره ، باعتبار أن الأمر نسبي ومتغير تبعاً لظروف الزمان والمكان.
   
   قد تحب الحياة اليوم لأنك حققت هدفاً عملت عليه فترة من الزمن، وبدأت تشعر بنتائج النجاح ، فترى ما حولك بمنظار الناجح والمتفائل فيكون طبيعياً أن ذلك الشعور سيؤثر في نظرتك للحياة، من حيث الحب والكره.. لكن تبدأ تكره الحياة لأنك أخفقت في أمر ما، ووجدت نفسك أيضاً محاصراً أمام جملة من الصعوبات لا تجعلك تتقدم كثيراً في مشروع حياتي ما، فتنعكس تلك المشاعر على نظرتك لحياتك أو للحياة بشكل عام ، فتبدأ باستشعار بعض الكراهية لها، وقد تقل أو تزداد بحسب ما حولك من عناصر مادية وبشرية.
  
  الأمر الوسط الذي ندعو إليه هو ألا نكون ضحايا الظروف، بحيث هي التي تقرر كيف نفكر وكيف نشعر وكيف ننظر إلى الحياة بشكل عام. لو أنك تدبرت ما حولك وكل ما يحدث لك، فتأكد أن الأمر كله مرتبط بالكيفية التي أنت تتعامل معها.. أنت يمكنك أن تحب الحياة إن أردت ورغبت ، ويحدث العكس كذلك إن أردت ورغبت .
   
  المسألة بالطبع ليست سهلة ولكن أيضاً ليست بالصعبة التي تجعلك تنظر إلى الحياة بنظرة اليائس المتشائم وفاقد الأمل.. يجب أن تدرك يقيناً أن كل ما يحدث لك في هذه الحياة الدنيا إنما هي اختبارات تتراوح في سهولتها وصعوبتها، وأن الهدف الأسمى من كل تلك الاختبارات هي لتحديد موقعك ومركزك للحياة الأخرى. إننا نعمل وهدفنا الأسمى ليست هذه الحياة وإنما الأخرى، ولكن بالطبع لا ننسى نصيبنا من هذه الحياة أيضاً. نفرح ونمرح ونحزن ولكن يجب أن يكون كل ذلك مرتبط بالحياة الأخرى، وتلكم هي خلاصة الحديث.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق